فاسمـــع إذا أوصافــها و صِفـــاتِ



هيَ جـــنّةٌ طابــتْ و طابَ نعيمُـــها
.............................فَنعيمُـــها باقٍ و ليـــسَ بِفــانِ
دارُ السَّـــــلامِ و جنّـــةُ المـأوى و
............................. منـــــزِلُ عسكـرِ الإيمانِ و القُرآنِ
فالـــــدَّارُ دارُ سلامـــةٍ و خِطابُـهم
..........................فيهــا سلامٌ و اســمُ ذِي الغُفـرانِ


[ ابن القيّم رحمه الله تعالى ]



* وصف الجنّة *


لِشيخنا الفاضِل ( حفظهُ ربي و أطالَ عمره ) ؛

~ الشّيخ : مصطفى العدوي ~







فكــونو بالقرب ..:")

بســـــم الله الرحمـــن الرّحيـــم
و الصّلاة والسّلام على سيّدِ المُرسلين و على أله و صحبه و من إتّبعه بإحسانٍ إلى يوم الدّين ..

‘,

* تعريف بالجنّة و أسمائها
و ما وُصفت به في كتابِ الله عزّ و جلّ

أمَّا عن معنى الجنّة , فالجنَّةُ ؛ الحَديقةُ ذاتُ الشّجرِ و النّخل , وقد قالَ بعضُ أهل اللُّغة : لا تكُونُ الجنّةُ في كلامِ العربِ إلاَّ و فِيها نخلٌ و عنبٌ , و قال بعضُ العُلماءِ : سُمِّيت جنّةً لِتكاثُفِ أشجارِها و تظلِيلِها بإلتِفافِ أغصانِها , و الجنّة الّتي نتناولُ ذِكرها ها هُنا إن شاء الله هيَ دارُ النَّعيمِ في الآخِرة .

و قِيلَ عنها دارُ المقامة _ و اللهُ أعلم _ ؛ لِكونِ أهلِها يُقيمُونَ فِيها و يَستَوْطِنونها و لا يخرُجُون منها .

إنّ الواصفَ للجنّة مهما وصفَ , بل والمُتخيِّلَ لها مهما تَخيّلَ فلن يأتي على شيءٍ ممَّا فِيها , فضلاً عن بعضِهِ , وفضلاً عن كُلِّه , فليسَ الخبرُ كالمُعاينة , وفِي الجنّة ما لا عينٌ رأت و أُذنٌ سمِعت و لا خطرَ على قلبِ بشر , ففِي الصَّحيحين من حديث أبي هريرة – رضي الله عنهُ – قال ؛ قال رسُول الله صلّى الله عليه وسلَّم : (( قال اللهُ أَعددْتُ لِعِبادِي الصَّالِحينَ مَا لا عينٌ رَأَت و لا أُذُنٌ سمِعت , و لا خطرَ على قلبِ بشرٍ , فاقرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ } [ السجدة / 17] )) .


و أخرج مسلم من حديث سهل بن سعد السّاعِديّ رضي الله عنه قال : شَهدْتُ منْ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ و سلَّم مجلِسًا وصفَ فِيهِ الجنَّةَ . حتّى انتهى . ثُمَّ قالَ في آخرِ حديثِهِ : (( فِيهَا مَا لاَ عيْنٌ رَأَتْ , و لاَ أُذُنٌ سَمِعتْ , وَ لاَخَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ )) ثُمَّ قرأَ هذه الآية : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) } [ سورة السجدة ] .











و قد تقفُ على شيءٍ من عظيم قُدرة الجنّةِ إذا علِمتَ حديثَ رسولنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم : (( موْضِعُ سَوْطٍ فِي الجنّة خيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيْهَا )) [ البخاري / حديث 3250 ] .





* و كذلك تعرفُ شيئًا من عَظِيمِ قدرِها إِذا علِمتَ ما أُعِدَّ لِأدنى أهلِ الجنّةِ من المنازلِ : (( سأل موسى ربه : ماأدنى أهل الجنة منزلة ؟ قال : هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له : ادخل الجنة . فيقول أيرب ! كيف ؟ وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : رضيت ، رب ! فيقول : لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله . فقال في الخامسة : رضيت ، رب ! فيقول : هذا لك وعشرة أمثاله . ولكما اشتهت نفسك ولذت عينك . فيقول : رضيت ، رب ! قال : رب ! فأعلاهم منزلة؟ قال : أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي . وختمت عليها . فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر .

.....................في النصِّ و هيَ لِصاحبِ الإحسانِ
بابُ الجِهادِ و ذاكَ أعلاَها و بابُ....................
.....................الصَّومِ يُدعَى البابُ بالريَّــــانِ
و لكلُّ سعيٍ صالِحٍ بابٌ و ربْ...................
.....................بُ السَّعيِ منهُ داخلٌ بأمــــانِ
و لسوفَ يُدعَى المرءُ من أبوابِها ...................
.....................جمعًا إذا وفَّى حُلى الإيمــــانِ
منهُم أبُو بكرٍ هو الصدِّيـقُ ذاك...................
.....................خلِيفـةُ المبعُــوثِ بالقُـــرآنِ
[ ابن القيّم رحمه الله تعالى ]







و أمَّا طُولُها فَلا يعلمُ مداهُ إلاَّ اللهُ سُبحانهُ و تعالى فإذا دخلها النبيُّ صلّى الله عليه و سلَّم _ كما أسلفنا _ فأُمَّتهُ أوَّلُ الأُممِ بعدهُ دُخُولاً صلواتُ الله و سلامه عليه فإذا دخلُوها وجدُوا تُربَتها مسكًا خالِصًا أبيضَ و زعفَراناً , أَمَّا الحصباء ( الحصى ) فقِطعُ اللُّؤلُؤ الكبيرة التي هيَ في الغاية من الرَّوعةِ و الجَمالِ .إذا دخلُوها سلَّمت عليهم الملائِكةُ عندَ دُخُولِها ,



‘

درجاتُها مائةٌ و ما بينَ اثنــينِ
...............فذاكَ في التَّحقـيقِ للحُسبــانِ
مثلُ الذي بينَ السَّماءِ و بينَ ها
...............ذي الأرضِ قولُ الصَّادقِ البُرهانِ
لكنَّ عالِيها هُو الفِردوسُ مُستوفٍ
..............بِعرشِ الخالِـــقِ الرَّحـــمنِ
[ ابن القيّم رحمه الله تعالى ]

شُيوخٌ كأبي بكر و عمر رضي الله عنه سيدا شُيوخِ أهلِ الجنَّة ما خلا الأنبِياء و المُرسلِين _ و سيِّدا الشَّبابِ حسنٌ و حُسينٌ _ رضي الله عنهما _ و سيِّدُ الشُّهداء حمزة رضي الله عنهُ , وسيِّدةُ النِّساءِ فاطمة رضي الله عنها .




إذا دخلُوها وجدُوا فِيها أنهارًا كثيرة , وجدُوا فِيها أنهارًا من ماءٍ غير آسن , وأنهارًا من لبنٍ لم يتغيَّر طعمُهُ , و أنهارًا من خمرٍ لذَّةً للشَّارِبين, و أنهارًا من عسلٍ مُصفَّى !!!


وجدُوا فِيهـــا كذلك النِّيـل و الفُـرات , وسيـحان , و جيحـان!!








وجدُوا كذلك فِيها نهر الحيــاةِ, الذي يُلقى فِيه من خرجَ من النَّارِ مُسودًّا مُحترِقًا فَيُلقى في النَّهرِ فيرجعُ أجمــلَ ما كــان و أحسنَ ما كــان .

وجدُوا كذلك الحوضَ و الكوثر, وجدُوا حوضَ النبـيِّ صلَّى اللهُ عليه و سلَّم ماؤهُ أبيض من اللبن و أحلى من العسل , و عددُ آنيته أكثر من عدد نُجوم السَّمــاء , من شرِبَ منه شربة لم يضمأ بعدها أبدا .


وجدُوا التّرع و العُيون الجارِية, والعيون الفوَّارة .


وجدُوا روضـــات الجنَّاتِ, وجدُوا الحدائقَ , وجدُوا روحًا و ريحــانًا وجنَّة نعـيم .

وجدُوا القُصورَ التي لا يعلمُ حُسنَها و جَمالَها إلاَّ الله فقد بُنِيت بالذَّهبِ و , آنيتها و صحافها وقُدورها و قواريرُها وما فِيها من ذهبٍ و فِضَّةٍ.


كذلِك فَهُناك المساكنُ و البُيوتُ و الغُرفُ و الخِيــامُ ,
الخيمةُ دُرَّةٌ مُجوَّفةٌ طُـولُها في السَّمــاء سِتُّون مِيلاً للمُؤمنِ فِيها أهلون لا يراهُم الآخرون .




فأقوامٌ في أعلى عِليِّين , وأقوامٌ دُون ذلك في الفضلِ و النَّعِيمِ كذلك , قال تعالى : { وَ لَلْأَخِرَةُ أَكْبَرُ دّرَجَاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلاً } [ الإسراء/21].

[/center]</B></I>

* أمـَّا شجرُ الجــــنّة :



فكبيرٌ و طويلٌ و ظلُّهُ ممدُود .
شجرةٌ من شجرِها يسيرُ الرَّاكبُ في ظِلِّها مائة عامٍ لا يقطعُها!!
ظلٌّ دائمٌ لا يُفسحُ و لا يزُول { أُكُلُهَا دَائِمٌ وَ ظِلُّهَا } [ الرعد/35] فاكهةُ الجنَّـة قريبةٌ من أهلِها دَانيةٌ منهُم .

* أمَّا عن سُرُرها :

فمرفُوعةٌ عالِية , سُررٌ منسُوجةٌ بالذَّهبِ مُرصَّعةٌ بالجواهرِ , الحشو الَّذي حُشيت به فُرُشها من استبرَق , فإذا كانت البواطِنُ من استبرقٍ ( وهو الحريرُ الخالِصُ ) فكيف بالظَّواهر !!

$ إنَّ أمرها لعجيب , و إنَّ شأنها لعظيم .

هُناك الأرائكُ التي يتَّكِئون عليها و السُّررَ التي ينامُون عليها منها سُررٌ في الحجال ( أي السَّرير فوقهُ خيمةٌ تستُرُ من يجلسُ عليهِ و يتَّكئُ ).
الأرضيَّاتُ قد فُرِشت بأبْهَى و أفْخرِ الحريرِ و أجْملهِ ,



أمَّا الزَّرابيُّ فمبثُوثةٌ مُنتشرةٌ و هُناك الرفارفُ الخُضرُ و العبقري الحِسان .




* إن سألتَ عن لِباسِ أهلِ الجنَّة :

فمِن حريرٍ , سُندُس و استبْرق , ثيابٌ خُضرٌ مِن أجْملِ الثِّيابِ و أحْسنِ الثِّيابِ لونًا .

* أمَّا عن الحليِّ :
فلقد قال تعالى : { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَ لُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } [ الحج /23] .

* أمّا صُنوفُ الفاكهة :


فكُلُّها هُناك بِالجنَّة يتنعّمُ بها أهلُها كيفَ شاءُوا ,


كما قال تعالى : { فِيهَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ } [ الرحمن /52] ,


وكما قال : { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَ نَخْلٌ وَرُمَّانٌ } [ الرحمن / 68] ,


و كما قال : { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ } [ يس/ 57] ,


فكُلُّ صنوفِ الفاكِهةِ موجُودةٌ الَّتي عرفناها و الَّتي لم نعرفها .






فلاَ لغوٌ في الجنَّة , و لا تأثيم فإذا سمِعُوا سمِعُوا كُلَّ خير , و إذا تكلَّمُوا تكلَّموا بكُلِّ خيرٍ ,

يأتُونَ كُلَّ جُمُعة فيرجِعُون إلى أهاليهم , و قد ازدادوا حُسنًا و جمالاً , فيجِدون أهاليهم قد ازدادُوا أيضًا من بعدهم حُسنًا و جمالاً .
يتحادثُونَ فِيما بينهم في دُنياهم و يطَّلِعون أحيانًا على أهلِ النَّارِ لِيزدادُوا شُكرًا على ما امتنَّ اللهُ بهِ عليهم من السَّلامةِ و النَّجاةِ و فسيحِ الجِنانِ وواسعِ المنازلِ .

* و منها بابٌ للصَّائمينَ , وبابٌ للمُجاهِدين , و بابٌ للصَّلاةِ و بابٌ للصَّدقة و غيرِ ذلك , ففي الصَّحيحين من حديثِ أبي هُريرة رضي الله عنهُ : سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه و سلّم يقُولُ : (( منْ أنفَقَ زَوْجَيْنِ مِن شَيءٍ مِن الأشْيَاءِ فِي سَبيلِ اللهِ دُعِيَ مِن أبْوابِ – يعنِي الجنَّة – يا عبدَ الله هَذّا خَيْرٌ فَمَنْ كانَ مِنْ أَهلِ الصَّلاةِ دُعِيَ مِن بابِ الصَّلاةِ , ومَن كانَ مِن أَهْلِ الجِهادِ دُعِيَ مِن بابِ الجِهادِ , وَن كَانَ مِن أهْلِ الصَّدَقةِ دُعِيَ مِن بابِ الصَّدَقةِ , وَمَن كَان مِن أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِن بابِ الصِّيامِ وَ بَابِ الرَيَّانِ )) , فقال أبُو بكرٍ : ما على هذا الَّذي يُدعى من تلكَ الأبوابِ من ضرُورةٍ , وقال هل يُدعى منها كُلَّها أحدٌ يا رسُول الله ؟ قال : (( نَعَم , وَ أَرجُو أَن , تكُونَ مِنهُم يَا أَبَا بَكرٍ ))

[ البخاري / حديث 3666 , ومُسلم 1027 ] .









[/center]

نفع الله بكِ وبما نقلتِ من العلم
اللهم اجعلنا من أهل الجنة وأذقنا نعيمها
وأورثنا درجاتها العلا وأكرمنا بكرامة الفوز بها
والفوز بنعيمك
واذقنا لذة النظر إلى وجهك الكريم
يا صاحب الفضل الكبير يا رب العالمين