يكون للعامل النفسي تأثير كبير في الأحداث الكروية الهامة بالنسبة للاعبين والمدربين على وجه الخصوص وكيفية تعاملهم مع المباريات ورغبتهم في الخروج بكل لقاء إلى البر الآمن وإيمانهم بقدراتهم على تحقيق الهدف المطالبين به.

وبالطبع يكون للمدير الفني أي الشخص المسئول عن الفريق دور أكبر لما تطلبه وظيفته من مسئوليات تتعلق بالفريق ككل وتجعله يسير فريقه في الاتجاه الذي يرنو إليه.

وإذا ما قمنا بتحليل الدور المنوط بالمدير الفني للأهلي حسام البدري قبل مواجهة الترجي الرياضي التونسي في إياب نهائي دوري الأبطال الإفريقي فعلينا أن نتفهم نقاط عدة يجب على مدرب الأهلي وضعها في اعتباره للتحضير للقاء.

العصبية ومحاولات الاستفزاز

بدا أحمد فتحي لاعب خط وسط الأهلي في حالة غضب عارمة خلال مواجهة الترجي في مرحلة الذهاب وقت كانت النتيجة 1-0 ،لفريق باب سويقة بسبب احتساب أحد الأخطاء عليه علماً بأن فتحي كان حاصلاً على بطاقة صفراء.

وجاءت عصبية فتحي وتوتره البالغ بسبب نتيجة المباراة والضغط الواقع عليه بسبب صعوبة التعديل في ظل عدم نجاح فريقه في خلق فرص حقيقية إلا في مرتين فقط على مدار المواجهة كلها.

وجاءت ردة فعل فتحي بسبب سقوط أحد لاعبي الترجي من أجل الحصول على خطأ وهو ما شعر به اللاعب أنه محاولة للاستفزاز فخرج عن شعوره.

أما قصة استفزاز لاعبي الترجي لأحمد فتحي فهي ترتبط بما يقال عن أن لاعبي الأندية العربية يسعون لاستفزاز الخصم وإضاعة الوقت كأنها حجة للخروج عن الشعور أو الغضب وهو الأمر غير المقبول بأي حال.

ولو عدنا لمواجهة الأهلي والصفاقسي في إياب نهائي دوري الأبطال عام 2006 سنجد أن لاعبي الصفاقسي لم يتملكهم الغضب بسبب عدم احتساب هدفاً صحيحاً بداعي التسلل بسبب أن النتيجة 0-0 وقتها كانت تعني فوزهم باللقب، لكن عندما سجل محمد أبو تريكة الهدف وجدنا أنيس بوجلبان لاعب الصفاقسي وقتها يعتدي على حسن مصطفى.

هنا يجب أن نوضح أن المدرب دوره في المقام الأول أن يخرج باللاعبين من أي حالة نفسية غير صحية أو مضطربة تبعدهم عن الهدف الحقيقي لهم في المباراة وتؤثر بصورة سلبية عليهم.

ليس هذا فحسب بل أن المدرب لو أقنع لاعبيه بتصورات مثل "التحكيم" "الحظ" "سوء أرضية الملعب" وغيرها قد تسببت في خسارتهم فهو يؤهلهم للخسارة قبل بدء المواجهة ولو وضح هذا في تصريحاته فهو يمنحهم العذر قبل ارتكابهم للخطأ من الأصل.

لذا فيتوجب على لاعبي الأهلي في مواجهة الترجي أن لا يضعوا أنفسهم تحت أي نوع من أنواع الضغط ولا يفكرون إلا في الجانب الفني وهذا ما يتوجب على المدرب عمله، فلا عصبية على منافس أو حكم مهما كانت نتيجة المباراة لأن العصبية هذه لن يكون معناها أن الفريق قد تعرض للظلم بقدر ما ستؤكد أنك تشعر بتفوق المنافس فنياً ومن ثم تلجأ لأساليب غير صحيحة للتعبير عن عجزك في عدم قدرتك على تغيير مسار المباراة.

الإيمان بقدرات فريقك

على المدير الفني الإيمان بقدرات لاعبي فريقه وأن يوصل لهم هذه الثقة مما يجعلهم يلعبون بلا أي ضغط.

فالمدرب يتوجب عليه في المواقف الصعبة أن لا يلجأ للعصبية كونها ستزيد في هذه الحالة من الأمر سوء في الوقت الذي يحتاجون فيه للهدوء النفسي من أجل التفكير في الجانب الفني.

وبالعكس فأن الثقة الزائدة قد تنقلب لتبلد أو عدم تحمل لمسئولية قد ينتج عنها الخسارة في النهاية وهو ما جرى للاعبي الصفاقسي التونسي في نهائي 2006.

فشاهدنا المدرب مراد محجوبي وقتها يتحدث عن تفكيره في كأس العالم للأندية ونجوم الفريق التونسي يتبادلون التهنئة عقب اللقاء الأول وهو الأمر الذي اعتبره مانويل جوزيه مدرب الأهلي وقتها محاولة للضغط على فريقه بصورة غير مباشرة وإشعاره بأن خسر قبل أن يلعب وهنا ظهرت محاولات الاستفزاز لتكون رد فعل عكسي تسبب فيه التحضير النفسي الجيد من قبل الإدارة الفنية للفريق الأهلاوي.

وهو الأمر الذي انتبه له نبيل معلول في أول تصريح له عقب نهاية مباراة الذهاب بالحديث عن أنه لم ينس موقعة 2006 في رادس وإشادته بنجوم الفريق الأحمر وقدراتهم وهو هنا ينتبه لقدرات الفريق المنافس قبل اهتمامه بقدراته فيؤمن بها كل الإيمان ويدرسها ويحللها من أجل معرفة كيفية التغلب عليها دون تشتيت نفسه بأمور جانبية قد تعود عليه بالضرر.

على المدرب أن يؤكد هذه الثقة الفعلية للاعبيه في كيفية التعامل مع أي سيناريو محتمل للمباراة مثل لو سجل الترجي هدفين مثلاً وكيفية العودة من الخلف وإحياء الآمال في الوقت المناسب بدلاً من أن تسلل اليأس لصفوف اللاعبين فتنفلت الأعصاب ويصبح احتمال ارتكاب الخطأ بصورة أكبر.

تأثير ظلم الحكام

تم الاتفاق في الفترة الأخيرة بصورة ضمنية على أن أخطاء الحكام هي جزء من لعبة كرة القدم وأنها ليست العامل المؤثر في نتيجة المباريات رغم وجود وقائع ظلم تحكيمي شهيرة على مدار تاريخ اللعبة.

ولو تحدثنا عن النادي الأهلي في البطولات الإفريقية تحديداً سنتحدث عن هدف إنيرامو في نصف نهائي نسخة 2010 وإلغاء هدفاً للصفاقسي في نهائي 2006 وعدم احتساب ركلتي جزاء للأهلي في 2007.

في نسخة 2010 كان هدف النيجيري مايكل إنيرامو الشهير أحد أكثر القرارات التحكيمية ظلماً وهو أمر بدا جلياً والأكثر أنه كان هدف الحسم لكن لو استرجعنا ما جرى عقب الهدف سنجد أن لاعب وسط الأهلي محمد بركات تعرض للطرد وأن الأحمر ظهر بصورة غير منضبطة تماماً فخرجت المباراة من نطاقها الفني للنطاق النفسي.

أما عدم احتساب ركلتي جزاء صحيحتين للأهلي في 2007 لم يجعل نجومه يفقدون أعصابهم رغم أن المباراة كانت بين جماهيرهم وهو أمر متعلق بلقب حققوه في أخر عامين ومباراة بين جماهيرهم.

الفارق بين الواقعتين أن احساس لاعبي الأهلي في بطولة 2007 أنهم قاموا بأداء كل ما يتوجب فعله على مدار المباراة ولم يؤت ثماره أما في 2010 فهو شعور بأنك الأقل فنياً فيأتي لك شيء إضافي يؤكد أقليتك أمام المنافس فتخرج عن أعصابك وانضباطك هذا من جانب.

أما الجانب الثاني فهو دور المدير الفني الذي أشرنا له سلفاً فلا يمكن بأي حال أن يضع المدرب أعذاراً للاعبيه تجعلهم يصدقونها فيخرجون من حالة لعب المباراة لحالة مشاجرة أو عراك معتقدين أنهم يدافعون عن حقهم المسلوب من الحكم ومتناسين أن عليهم دوراً يجب تأديته في المباراة.

استنفار الهمم وصداقة المدرب

على مدار تاريخ لعبة الكرة القدم نرى مشاهد مميزة لعلاقات مدربين بلاعبين ومحاباتهم لهم وما يكون لهذه العلاقة وهذا الحب من دور في أداء اللاعبين في البطولات الكبرى.

ويدلنا التاريخ على أن هذه العلاقات تنتج دوماً عن نجاحات وألقاب، وللتاريخ نذكر الاعتماد الدائم للأسطورة فرانز بكينباور على لوثار ماتيوس وما نتج عنه من قيادة لوثار منتخب الماكينات للقب كأس العالم في 1990 بإيطاليا، وتكرر الأمر في 1996 في علاقة بيرتي فوجتش ويورجين كلينسمان والتي تسببت في إبعاد ماتيوس نفسه عن صفوف المنتخب بسبب رفض كلينسمان لوجوده لرهان لوثار على عدم إحراز يورجين لخمسة عشر هدفاً مع بايرن ميونخ وهو الرهان الذي خسره قائد منتخب 90.

وإذا قمنا بتطبيق هذا الأمر على كرة القدم المصرية سنجده في حالات كثيرة فمثلاً عصام الحضري ظهر في أفضل مستوياته عام 2001 مع مانويل جوزيه وكذلك طبق هذا الأمر مع لاعبين مثل: خالد بيبو ومحمد أبو تريكة الذي طالما ما حصل على تحفيز معنوي من البرتغالي وهو في أسوأ حالاته وبالطبع لا ننسى فترات ابتعاد عماد متعب وفلافيو أمادو عن التهديف، وكذلك علاقة الراحل محمود الجوهري بحسام حسن والثنائية التاريخية بينهما في نجاحات التأهل لكأس العالم 1990 ولقب أمم إفريقيا بعد ثماني سنوات.

ما سبق يؤكد لنا أن المدرب لو نجح في أن يجعل اللاعب مثلما يلعب من أجل فريقه يلعب من أجل مدربه فسيتحقق النجاح للاثنين لأن الأمر سيتحول لمسألة شخصية وكأنه يريد رد خدمة لشخص وقف بجواره وأمن به وراهن الجميع عليه وهو ما يتعلق بشخصية المدرب نفسه وقدرته على استنفار همم لاعبيه.