مرحباً بكم إلى منتديات نور الاسلام . | |||||
مرحبا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى.. |
|
الأحد فبراير 26, 2012 3:01 am | المشاركة رقم: | ||||||||||
شاعرالحب الحزين
| موضوع: أنا وأيام التشرد . أنا وأيام التشرد . أنا وأيام التشرد كنت كعادتي وعادة كل مُنتسبي فريق " التشرد " لا أكادُ أصبِرُ إلى أن يتوقف سيرُ السيارات وأن يُضاءَ اللون الأحمر الفاقع كي يُعلنَ نهاية السباق بين سياراتٍ يقودها أناسٌ من كافة الأجناس والأطياف في مجتمعنا فأسارعُ بالركض أو بالأحرى " الهجوم " على نوافذ السياراتِ وأكياسُ الفستقِ واللوزِ المُحمر تملأُ يَدَيَّ الخشنتين بأملِ , عسى أن يكونَ سائق هذه السيارة قد نَسي أن يأكل . لم نَكُن أنا والإشارة الضوئية من أعزِ الأصدقاء يوماً ولا أظن أننا من الممكن أن نتقرب من بعضنا في الأيام القادمة ؛ فأنا أحاولُ وأكافحُ كي أجد من يشتري ويُكسِبُنَي رزقي لكي تقوم هي وبشموخها العظيم بالسماح لهم بالهربِ . وللصدق والشفافية فمنَ الجديرِ بالذكر القول بأنها تُشجِعُهم وتحثهم على تركي أنا وأصدقائي للجوع والبردِ والوحدة . عُدت أدراجي خائباً مع آمالي المبددة على طرفِ الطريق لأنتظر الضوء الأحمر مرةً أخرى . كنتُ ماراً وببطء شديد لعدم تواجد المساحة الكافية للحركة دون أن أُخاطرَ بحياتي عندما لمحتُ ومن طرف عيني صورةً لشخصٍ يُشبهني قليلاً , فقد مضى وقت على آخر مرة تمعَنتُ بالنظر فيها إلى نفسي ولكني لحظتها اجتاحني شعورٌ بالفضول فأدرت رأسي كي أرى ما أصبحتُ عليه بعد سنواتٍ من العيش في الشارع وبأزقته المظلمة ,الموحشة ... ما رأيته أمامي كان مخيباً للآمال بالنسبة لطفلِ ولد كي ينام على موسدة من حرير ولكني لم أكن يوماً من أصحاب الحظ الجيد في هذا العالم ولذا فإن شكلي لم يصدمني كثيراً , بياض وجهي كان لا يزالُ واضحاً تحت غطاءٍ من الإصفرار وبقعٍ سوداء اكتسبها وجهي بعد عدة لكماتٍ من شباب كانوا قد ضاقوا وملّوا من سياراتهم ونسائهم , وكطريقة للترويح عن أنفسهم كانوا يهجمون علينا ونحن نائمين وغافلين عمَ يحصلُ حولنا .. نعم إنها حكاية مأساوية بالفعل !. ثم أخذتُ أمعن النظر بعينيِّ المستديرتين الزرقاوين لعل وعسى أن أستفيق من هذا الكابوس لأجد نفسي صبي ثري يركعُ له الناس .. وهو لا يركع لأحد ! فعصفت بيَّ الذاكرة إلى أوقاتٍ عصيبة أواجهها أنا كل يوم من حياتي وإنها الذكرى الوحيدة التي لم تصبح من الماضي فقط بل هي ماضي و حاضري ومستقبلي . فأنا يجب عليّ _ وفي كل دقيقة تمرُّ وقلبي اليافع ينبضُ بالحياة _ أن أتلقى نظرات الشفقة تلك من المارة وأن أتحمل عبء هموم سائقي السيارات ومشاكلهم اليومية فهذا يصرخ في وجهي لأنه قد نشب خلافٌ بينه وبين زوجته الجالسة بقربه فتقوم هي وبرفقها تقول له : " أهدأ .. ألا ترى كم هو متعب وفقير , أعطه بعض المال . وكأن كلماتها قد خففت عني . وهناك أيضاً من يحتج ويقول لي أنه ليس عنده المال كي يشتري الفستق واللوز , بل قل أنك لا تملك بقايا المال التي لا تغير من حالتي شيئاً إلا إذا جمعتها مع مئاتٍ أمثالها يا رجل ! أيظنون أننا نتسول بإرادتنا ! وأن حقيقة الأمر هي وجود ملاعق من الذهب بانتظارنا حين نعود إلى منازلنا .. وأن هذه ليست إلا تمثيلية مفبركة ! عدت من تفكيري الغاضب إلى الواقع عندما أحسست أن الإشارة قد توقف تسرب بعض الناس وهروبهم مني فنظرت إلى نفسي مرة أخيرة في انعكاس صورتي على نوافذ السيارات المصفوفة على جانب الطريق واستدرت مسرعاً على أمل أن أصل إلى غايتي , كنت أرجوهم حتى أن يسمعوني ولكنهم رفضوا حتى أن يصغوا إلى ما لدي لأقوله لهم , كانوا يلقون عليَّ تلك النظرات .. آه كم أكرههم وأكره نظراتهم المليئة بالشفقة وكأن الله قد أنزلهم ليذكرونني بمصائبي ومشاكلي , يجدون أن الغضب واضح على معالم وجهي , فهم يرفضون حتى أن ينظروا إليّ حالياً , ربما هذا هو الخيار الصحيح فإنني غاضب منهم وعليهم وعلى هذا العالم القاسي الذي رمى بيّ وبأطفال الشوارع إلى الشارع وحكم علينا بالفقر والجوع ودنائة النفس . مضيت وأنا أنادي بين صفوف السيارات وكان صوتي مجلجلاً وعالياً يسهل سماعه ولكنهم مضوا في طريقهم وأقفلوا نوافذ سياراتهم كما أنهم أحكموا قفل الأبواب خشية أن أهجم عليهم فأنا بالنسبة إليهم وحش يجب أن يهابوه . برقت في ذاكرتي صورتي وانعكاسي الذي رأيته منذ قليل .. شعرٌ أسود قليل النظافة , جسدٌ نحيل , ذراعان قد خلقتا لحمل أكياس اللوز والفستق ولا يتذوقاه أبداً , ثياب رثة , بالية لم تغسل ولم تنظف منذ زمن , ونظرة بؤس في عيوني وكدمات تغطي معظم وجهي , فعن أي وحش يتكلمون ؟ م ن
| ||||||||||
الإشارات المرجعية |