مرحباً بكم إلى منتديات نور الاسلام . | |||||
مرحبا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى.. |
|
الجمعة يوليو 12, 2013 1:13 am | المشاركة رقم: | ||||||||||
شاعرالحب الحزين
| موضوع: خطوات الشيطان خطوات الشيطان يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } أي طرق تزينه { ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه } أي المتبع { يأمر بالفحشاء } أي القبيح { والمنكر } شرعاً باتباعها { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم } أيها العصبة بما قلتم من الإفك { من أحد أبداً } أي ما صلح وطهر من هذا الذنب بالتوبة منه { ولكن الله يزكي } يطهر { من يشاء } من الذنب بقبول توبته منه { والله سميع } بما قلتم { عليم } بما قصدتم . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَات الشَّيْطَان وَمَنْ يَتَّبِع خُطُوَات الشَّيْطَان فَإِنَّهُ يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , لَا تَسْلُكُوا سَبِيل الشَّيْطَان وَطُرُقه وَلَا تَقْتَفُوا آثَاره , بِإِشَاعَتِكُمُ الْفَاحِشَة فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَإِذَاعَتِكُمُوهَ فِيهِمْ وَرِوَايَتكُمْ ذَلِكَ عَمَّنْ جَاءَ بِهِ , فَإِنَّ الشَّيْطَان يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ - وَهِيَ الزِّنَا -وَالْمُنْكَر مِنَ الْقَوْل . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْخُطُوَات وَالْفَحْشَاء فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِد ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع. الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَات الشَّيْطَان وَمَنْ يَتَّبِع خُطُوَات الشَّيْطَان فَإِنَّهُ يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر } يَقُول تَعَالَى ذِكْره لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ : يَا أَيّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّه وَرَسُوله , لَا تَسْلُكُوا سَبِيل الشَّيْطَان وَطُرُقه وَلَا تَقْتَفُوا آثَاره , بِإِشَاعَتِكُمُ الْفَاحِشَة فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَإِذَاعَتِكُمُوهَ فِيهِمْ وَرِوَايَتكُمْ ذَلِكَ عَمَّنْ جَاءَ بِهِ , فَإِنَّ الشَّيْطَان يَأْمُر بِالْفَحْشَاءِ - وَهِيَ الزِّنَا -وَالْمُنْكَر مِنَ الْقَوْل . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْخُطُوَات وَالْفَحْشَاء فِيمَا مَضَى بِشَوَاهِد ذَلِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع.' الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَرَحْمَته لَكُمْ , مَا تَطَهَّرَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا مِنْ دَنَس ذُنُوبه وَشِرْكه , وَلَكِنَّ اللَّه يُطَهِّر مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19578 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا } يَقُول : مَا اهْتَدَى مِنْكُمْ مِنَ الْخَلَائِق لِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْر يَنْفَع بِهِ نَفْسه , وَلَمْ يَتَّقِ شَيْئًا مِنْ الشَّرّ يَدْفَعهُ عَنْ نَفْسه . 19579 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا } قَالَ : مَا زَكَا : مَا أَسْلَمَ . وَقَالَ : كُلّ شَيْء فِي الْقُرْآن مِنْ " زَكَا " أَوْ " تَزَكَّى " فَهُوَ الْإِسْلَام . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّه يُزَكِّي مَنْ يَشَاء } . يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ أَيّهَا النَّاس وَرَحْمَته لَكُمْ , مَا تَطَهَّرَ مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا مِنْ دَنَس ذُنُوبه وَشِرْكه , وَلَكِنَّ اللَّه يُطَهِّر مَنْ يَشَاء مِنْ خَلْقه . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 19578 - حَدَّثَنِي عَلِيّ , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا } يَقُول : مَا اهْتَدَى مِنْكُمْ مِنَ الْخَلَائِق لِشَيْءٍ مِنَ الْخَيْر يَنْفَع بِهِ نَفْسه , وَلَمْ يَتَّقِ شَيْئًا مِنْ الشَّرّ يَدْفَعهُ عَنْ نَفْسه . 19579 -حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد أَبَدًا } قَالَ : مَا زَكَا : مَا أَسْلَمَ . وَقَالَ : كُلّ شَيْء فِي الْقُرْآن مِنْ " زَكَا " أَوْ " تَزَكَّى " فَهُوَ الْإِسْلَام .' وَقَوْله : { وَاللَّه سَمِيع عَلِيم } يَقُول : وَاللَّه سَمِيع لِمَا تَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ وَتَلَقَّونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ كَلَامكُمْ , عَلِيم بِذَلِكَ كُلّه وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُوركُمْ , مُحِيط بِهِ مُحْصِيه عَلَيْكُمْ , لِيُجَازِيَكُمْ بِكُلِّ ذَلِكَ .وَقَوْله : { وَاللَّه سَمِيع عَلِيم } يَقُول : وَاللَّه سَمِيع لِمَا تَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ وَتَلَقَّونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ كَلَامكُمْ , عَلِيم بِذَلِكَ كُلّه وَبِغَيْرِهِ مِنْ أُمُوركُمْ , مُحِيط بِهِ مُحْصِيه عَلَيْكُمْ , لِيُجَازِيَكُمْ بِكُلِّ ذَلِكَ .'
| ||||||||||
الجمعة يوليو 12, 2013 1:14 am | المشاركة رقم: | ||||||||||
شاعرالحب الحزين
| موضوع: رد: خطوات الشيطان خطوات الشيطان كأن الشيطان له خطوات متعددة ليست خطوة واحدة، وقد أثبت الله عداوته لبني آدم، وهي عداوة مُسبِّبة ليست كلاماً نظرياً، إنما هو عدو بواقعة ثابتة، حيث امتنع عن السجود لآدم، وعصى أمر الله له، بل وأبدى ما في نفسه وقال: { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } [الأعراف: 12]. وقال: { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } [الإسراء: 61] وهكذا علّلَ امتناعه بأنه خير، وكأن عداوته لآدم عداوة حسد لمركزه ومكانته عند ربه. والحق - تبارك وتعالى - حينما يخبرنا بعداوة الشيطان من خلال امتناعه عن السجود، إنما يحذرنا منه، ويُنبِّهنا إلى خطره ويُربِّي فينا المناعة من الشيطان؛ لأن عداوته لنا عداوة مركزة، ليست عداوة يمارسها هكذا كيفما اتفق، إنما هي عداوة لها منهج ولها خطة. فأول هذه الخطة أنه عرف كيف يقسم، فدخل على الإنسان من باب عزة الله عن خَلْقه، فقال: { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ص: 82]. فلو أرادنا ربنا - عز وجل - مؤمنين ما كان للشيطان علينا سبيل، إنما تركنا سبحانه للاختيار، فدخل علينا الشيطان من هذا الباب؛ لذلك قال بعدها: { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } [الحجر: 40] فمَنِ اتصف بهذه الصفة فليس للشيطان إليه سبيل. إذن: مسألة العداوة هذه ليست بين الحق سبحانه وبين الشيطان، إنما بين الشيطان وبني آدم. فقوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ.. } [النور: 21] نداء: يا من آمنتم بإله كأنه يقول: تَنبَّهوا إلى شرف إيمانكم به، وابتعدوا عما يُضعِف هذا الإيمان، أو يفُتُّ في عَضُدِ المؤمنين بأيِّ وسيلة، وتأكّدوا أن الشيطان له خطوات متعددة. { لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ.. } [النور: 21] فإنْ وسوس لك من جهة، فتأبَّيْتَ عليه ووجد عندك صلابةً في هذه الناحية وجَّهك إلى ناحية أخرى، وزيّن لك من باب آخر، وهكذا يظل بك عدوك إلى أنْ يُوقِعك، فهو يعلم أن لكل إنسان نقطة ضَعْف في تكوينه، فيظل يحاوره إلى أنْ يصل إلى هذه النقطة. والشيطان: هو المتمرد العاصي من الجن، فالجن مقابل الإنس، فمنهم الطائع والعاصي، والعاصي منهم هو الشيطان، وعلى قِمتهم إبليس؛ لذلك يقول تعالى في سورة الكهف: { إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ.. } [الكهف: 50]. وسبق أن ذكرنا أنك تستطيع أن تُفرِّق بين المعصية من قِبل النفس والمعصية من قِبل الشيطان، فالنفس تُلِح عليك في معصية بعينها لا تتعدّاها إلى غيرها، أما الشيطان فإنه يريدك عاصياً على أيِّ: وجه من الوجوه، فإن امتنعت عليه في معصية جَرَّك إلى معصية أخرى أياً كانت. ثم يقول سبحانه: { وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ.. } [النور: 21] ولك أنْ تسأل: أين جواب (مَنْ) الشرطية هنا؟ قالوا: حُذِف الجواب لأنه يُفهم من السياق، ودَلَّ عليه بذكر عِلَّته والمسبّب لَه، وتستطيع أن تُقدِّر الجواب: مَنْ يتبع خطوات الشيطان بُذِقْه ربه عذاب السعير؛ لأن الشيطان لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر، فَمَنْ يتبع خطواته، فليس له إلا العذاب، فقام المسبّب مقام جواب الشرط.والكلام ليس كلام بشر، إنما هو كلام رَبِّ العالمين. وأسلوب القرآن أسلوب رَاقٍ يحتاج إلى فكر وَاعٍ يلتقط المعاني، وليس مجرد كلام وحَشْو. أَلاَ ترى بلاغة الإيجاز في قوله تعالى من سورة النمل: { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } [النمل: 28]. ثم يقول تعالى بعدها: { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } [النمل: 29]. وتأمل ما بين هذيْن الحدثيْن من أحداث حُذِفت للعلم بها، فوعي القاريء ونباهته لا تحتاج أن نقول له فذهب الهدهد.. وو إلخ فهذه أحداث يُرتِّبها العقل تلقائياً. وقد أوضح الشيطانُ نفسه هذه الخطوات وأعلنها، وبيَّن طرقه في الإغواء، ألم يقل: { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [الأعراف: 16] فلا حاجةَ للشيطان بأصحاب الصراط المعوج لأنهم أتباعه، فالشيطان لا يذهب إلى الخمارة مثلاً، إنما يذهب إلى المسجد ليُفسِد على المصلين صلاتهم، لذلك البعض ينزعج من الوساوس التي تنتابه في صلاته، وهي في الحقيقة ظاهرة صحية في الإيمان، ولولا أنك في طاعة وعبادة ما وسوس لك. لكن مصيبتنا أن الشيطان فقط طرف الخيط، فنسير نحن خَلْفه (نكُرّ في الخيط كَرّاً) ولو أننا ساعة ما وسوس لنا الشيطان استعذْنا بالله من الشيطان الرجيم، كما أمرنا ربنا تبارك وتعالى: { وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ.. } [الأعراف: 200]. إذن: إياك أنْ تقبل منه طرف الخيط؛ لأنك لو قَبِلْته فلن تقدر عليه بعد ذلك. ومن خطوات الشيطان أيضاً قوله: { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ.. } [الأعراف: 17]. إذن: للشيطان في إغواء الإنسان منهج وخُطّة مرسومة، فهو يأتي الإنسان من جهاته الأربع: من أمامه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله. لكن لم يذكر شيئاً عن أعلى وأسفل؛ لأن الأولى تشير إلى عُلُوِّ الربوبية، والأخرى إلى ذُلِّ العبودية، حين ترفع يديك إلى أعلى بالدعاء، وحين تضع جبتهك على الأرض في سجودك؛ لذلك لا يأتيك عدوك من هاتين الناحيتين. ثم يقول تعالى: { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ.. } [النور: 21]. قلنا: إن فضل الجزاء يتناوبه أمران: جزاء بالعدل حين تأخذ ما تستحقه، وجزاء بالفضل حينما يعطيك ربك فوق ما تستحق؛ لذلك ينبغي أن نقول في الدعاء: اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل؛ وبالإحسان لا بالميزان، وبالجبر لا بالحساب. فإنْ عاملنا ربنا - عز وجل - بالعدل لَضِعْنا جميعاً. لكن، في أيِّ شيء ظهر هذا الفضل؟ ظهر فضل الله على هذه الأمة في أنه تعالى لم يُعذِّبها بالاستئصال، كما أخذ الأمم السابقة، وظهر فَضْل الله على هذه الأمة في أنه تعالى أعطاها المناعة قبل أن تتعرَّض للحَدث، وحذرنا قديماً من الشيطان قبل أن نقع في المعصية، وقبل أن تفاجئنا الأحداث، فقال سبحانه: { فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ.. } [طه: 117] وإلا لغرق الإنسان في دوامة المعاصي. لأن التنبيه للخطر قبل وقوعه يُربِّي المناعة في النفس، فلم يتركنا ربنا - عز وجل - في غفلة إلى أنْ تقعَ في المعصية، كما نُحصِّن نحن أنفسنا ضد الأمراض لنأخذ المناعة اللازمة لمقاومتها. وقوله تعالى: { مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً.. } [النور: 21] (زكَى) تطهَّر وتنقّى وصُفِّيِ { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 21] وقال: { سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 21] لأنه تعالى سبق أنْ قال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ.. } [النور: 19] ذلك في ختام حادثة الإفك التي هزَّتْ المجتمع الإسلامي في قمته، فمسَّتْ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه الصِّدِّيق وزوجته أم المؤمنين عائشة وجماعة من الصحابة. لذلك قال تعالى (وَٱللَّهُ سَمِيعٌ ) لما قيل (عَلِيمٌ) [النور: 21] بما تُكِّنُه القلوب من حُبٍّ لإشاعة الفاحشة. ثم يقول الحق سبحانه: { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ.. }.
| ||||||||||
الجمعة يوليو 12, 2013 1:16 am | المشاركة رقم: | ||||||||||
شاعرالحب الحزين
| موضوع: رد: خطوات الشيطان خطوات الشيطان بسم الله الرحمن الرحيم الخطوة هي ما بين القدمين، والجمع خُطاً وخُطُوات. والخَطْوة بالفتح: المرّة. والجمع خَطَوَات. وقد تنوعت عبارات السلف رحمهم الله تعالى في بيان خطوات الشَّيْطان فقيل: آثاره، وقيل: عمله، وقيل: طرقه التي يدعوهم إليها. وقال قتادة والسدي: كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان.([1]) وقال ابن عطية رحمه الله تعالى: وكل ما عدا السنن والشرائع من البدع والمعاصي فهي خطوات الشيطان.([2]) وقال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: كل شيء حرمه الله فهو من خطوات الشيطان سواء كان عن استكبار، أو تكذيب، أو استهزاء، أو غير ذلك؛ لأنه يأمر به، وينادي به، ويدعو إليه.([3]) ولا فرق بين أن يقال "اتبع فلان الهوى" وبين "اتبع الشهوة أو الشيطان أو الحياة الدنيا" في أن المقصد بجميع ذلك متابعة ما يصد عن سبيل الله عز وجل.([4]) ويلاحظ في القرآن الكريم أن الله تعالى كرر النهي عن اتباع خطوات الشيطان، ولم يقل لا تتبعوا الشيطان، ولعل ذلك لأمرين: الأول: من جهة العبد، فمن المستبعد أن يتبع الشيطان وهو يعلم عداوته له؛ فحذر الله تعالى العبد مما لا ينتبه له وهو خطوات الشيطان. الثاني: من جهة الشيطان، وهو أنه يتدرج مع المؤمن في الإغواء، فيزين له التوسع في المباحات، ثم التساهل في المتشابهات، فغشيان محقرات الذنوب، إلى أن يصل به إلى الحرام المحض، بل إلى الكبائر والعياذ بالله تعالى. ويبعد جدا أن عبدا مؤمنا مطيعا لله عز وجل، منته عن محارمه ينتقل فجأة إلى الموبقات وكبائر الذنوب، لكن يصل إليها بالتدرج إذا تسلط عليه الشيطان بخطواته، ووجده يسير معه فيها. وإذا عجز عن العبد من جهة المعصية؛ لمتانة دينه وبعده عن الشهوات، أتاه من جهة البدعة والوسوسة في الطاعات. وقد جاء ذكر خطوات الشيطان في أربعة مواضع من كتاب الله تعالى كلها بصيغة النهي عن اتباعها [لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ]، وهذه المواضع الأربعة حسب ترتيبها في المصحف هي: الموضعان الأول والثالث في سياق ذكر الطعام؛ قال الله تعالى [يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] {البقرة:168} وقال تعالى [كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] {الأنعام:142}.. الموضع الثاني في سياق الأمر بأخذ شرائع الإسلام كلها [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] {البقرة:208}. الموضع الرابع في سياق النهي عن الفواحش [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ] {النور:21} والمتأمل للموضوعات التي تناولتها الآيات الأربع يجد أن خطوات الشيطان للانحراف بالإنسان أظهر فيها من غيرها؛ وذلك على النحو التالي: أولا: أن الطعام مهم في حياة الإنسان، ويؤثر في جسده وأخلاقه تأثيرا كبيرا، وهو أكثر شيء يتكرر في حياته بعد الهواء والماء، ولا يتصور وقوع المعصية بسبب التنفس والشرب؛ لأن الهواء لا يملك أحد حبسه عن الناس؛ ولأن الماء متوفر يجري في الأرض، والمحجوز منه مبذول في الغالب، والتزود منه سهل. لكن الطعام هو المشكل الذي يحتاج إلى عمل وكد وجهد لتوفيره، وهو مظنة الوقوع في الحرام بسببه؛ ولذا كان ميدانا من ميادين الشيطان في الإجلاب على الإنسان وإغوائه بسببه. ثانيا: أن شهوات البطن والفرج هي أكثر شيء يغزو الشيطان به بني آدم، وطريقة الشيطان في استدراج بني آدم إلى معاصي البطون والفروج هي أخذهم إليها بالتدرج خطوة خطوة حتى يصل الآدمي للمعصية الكبرى؛ ولذا حذر الله تعالى من اتباع خطوات الشيطان. قال الرازي رحمه الله تعالى: قيل لمن أبيح له الأكل على الوصف المذكور احذر أن تتعداه إلى ما يدعوك إليه الشيطان، وزجر المكلف بهذا الكلام عن تخطي الحلال إلى الشبه، كما زجره عن تخطيه إلى الحرام؛ لأن الشيطان إنما يلقي إلى المرء ما يجري مجرى الشبهة فيزين بذلك ما لا يحل له فزجر الله تعالى عن ذلك، ثم بين العلة في هذا التحذير، وهو كونه عدوا مبنيا أي متظاهر بالعداوة.([5]) ثالثا: أن شهوة ملئ الجوف بالطعام تتكرر أكثر من شهوة الفرج، والمرء يصبر على ترك النكاح ما لا يصبر على فقد الطعام والشراب، فمظنة الوقوع في إثم إشباع الجوف بالمحرم أكثر من مظنة الوقوع في إثم إشباع الفرج بالحرام؛ ولذا كان التحذير في القرآن من خطوات الشيطان في شهوات ملئ الجوف على الضِعف منها في الفرج. رابعا: من الثابت شرعاً وطباً وتجربة أن نوع الأكل يؤثر في طبع الآكل وأخلاقه كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْخُيَلاَءُ وَالْفَخْرُ في أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ وَالسَّكِينَةُ في أَهْلِ الْغَنَمِ»([6])ونسب الرازي رحمه الله تعالى إلى أهل العلم قولهم «فالغذاء يصير جزءاً من جوهر المغتذِي فلا بدّ أن يحصل للمغتذِي أخلاق وصفات من جنس ما كان حاصلاً في الغذاء»([7]) وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن جسد المغتذي يفسد بالأغذية الخبيثة من حيث لا يشعر.([8]) وقال ابن القيم رحمه الله تعالى: حرم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير؛ لأنها دواب عادية، فالاغتذاء بها يجعل في طبيعة المغتذي من العدوان ما يضره في دينه.([9])وقال أيضا: والسبع إنما حرم لما فيه من القوة السبعية التي تورث المغتذى بها شبهها؛ فإن الغاذي شبيه بالمغتذى.([10]) خامسا: أن خطوات الشيطان مع الإنسان فيما يتعلق بالطعام لها مسلكان: 1- تزيين الكسب المحرم بحيث يصير ما يشترى به الطعام مالا محرما، وهو الأكثر شيوعا في المسلمين؛ فإن المال يغري الناس؛ وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام:" الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟ "([11]) وظاهر الحديث أن كسبه حرام ولو اشترى به طعاما حلالا بقرينة ذكر الشراب واللباس. والحقيقة أن الطعام هو أكثر ما يشتريه الإنسان من ضروراته وحاجاته، واستهلاكه له أكثر من غيره؛ ولذا كانت التجارة في الأطعمة من أعظم التجارات وأدومها. وقد يكون الدافع للكسب المحرم خوف الفقر والجوع؛ وهذا الهاجس من الشيطان أيضا [الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالفَحْشَاءِ] {البقرة:268}. والملاحظ كثرة الساقطين في خطوات الشيطان فيما يتعلق بالمكاسب الخبيثة. 2- تزيين المحرمات من الأطعمة كالخنزير والميتة ونحوها، وهذا أقل وقوعا من الذي قبله؛ لأن المحرمات من الأطعمة خبائث تنفر منها الطباع السوية؛ ولأن في المباحات الطيبة الكثيرة غنية عنها، فلا يظفر الشيطان في هذا المجال إلا بالقليل من المسلمين، ولا سيما من يعيشون بين ظهراني المشركين ويتأثرون بهم، أو يتثاقلون في البحث عن الطعام الطيب فيتساهلون في المشتبه ثم المحرم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: فإنما أذن للناس أن يأكلوا مما في الأرض بشرطين: أن يكون طيبا، وأن يكون حلالا. ([12]) سادسا: أن الله تعالى ذم أهل الكتاب في اتباعهم خطوت الشيطان في الكسب والطعام؛ وذلك أنهم تحايلوا على إباحة المحرم، قال الله تعالى [وَاسْأَلْهُمْ عَنِ القَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ البَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ] {الأعراف:163} وقال الرَسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «قَاتَلَ اللهُ الْيَهُودَ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ».([13]) ولما كان مبنى الاقتصاد العالمي على الربا والمقامرات، وقع كثير من المسلمين في خطوات الشيطان بالتحايل على الربا الصراح، والقمار الواضح، ببيع العينة والتوسع في بيع التورق مع عدم استيفاء شروطه، والتساهل في تداول الأسهم والسندات والاتجار بها، وكثير منها هو أقرب إلى الربا أو القمار منه إلى البيع، فهذه من خطوات الشيطان في التحايل على الكسب المحرم، وتسميته بغير اسمه. سابعا: ليست خطوات الشيطان مقتصرة على إباحة المحرم فقط، بل تكون كذلك في تحريم الحلال من الطعام، وقد عاب الله تعالى على المشركين ذلك فقال سبحانه [وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ] {الأنعام:138}. وعن مسروق قال: أتى عبد الله بن مسعود بضرع وملح، فجعل يأكل، فاعتزل رجل من القوم، فقال ابن مسعود: ناولوا صاحبكم. فقال: لا أريده. فقال: أصائم أنت؟ قال: لا. قال: فما شأنك؟ قال: حرمت أن آكل ضرعا أبدا. فقال ابن مسعود: هذا من خطوات الشيطان، فاطعم وكفر عن يمينك.([14]) ثامنا: أن النهي عن اتباع خطوات الشيطان معلل بعلل جاءت في قول الله تعالى [إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى الله مَا لَا تَعْلَمُونَ] {البقرة:169} وفي قوله تعالى [فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ] {النور:21}.([15]) فصار ما يأمر به الشيطان الإنسان في الآيتين أربعة أمور: 1- الفحشاء، وقد كرر في الآيتين. والفحشاء: كل ما استفحش ذكره، وقبح مسموعه.([16]) 2- السوء، وهو: الضر من ساءه سوءا، وقيل: إن السوء الذي ذكره الله تعالى هو المعاصي؛ لأنها تسوء صاحبها بسوء عاقبتها له عند الله تعالى.([17]) قال الراغب رحمه الله تعالى: السوء والفحشاء كل قبيح من نحو الزنا، والسرقة، والسكر... وكل ما يقال له سوء، يقال له فحشُ، لكن بنظرين مختلفين، فإنه سمي سوءاً لاغتمام العاقل به، والفحشاء بأن يستفحشه.([18])وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الفحشاء من المعاصي ما يجب فيه الحد، والسوء من الذنوب ما لا حد فيه.([19]) 3- المنكر، وهو المكروه المذموم المعيب، وذلك يكون في الأفعال والإنشاءات.([20]) والكره لازم للإنكار؛ لأن النكر في أصل اللسان هو الجهل، ومنه تسمية غير المألوف نكرة، وأريد به هنا الباطل والفساد؛ لأنهما من المكروه في الجبلة عند انتفاء العوارض.([21]) 4- القول على الله بلا علم. وهذا يكون بالخوض في الشريعة وأحكامها بجهل كما يقع في ذلك كثير من الإعلاميين والمثقفين ونحوهم؛ فيبيحون المحرمات، ويسقطون الواجبات، وينتهكون حمى الشريعة، ويهونون أحكامها لدى العامة بما يستحسنونه من آرائهم التي يستمدونها من ثقافات الغرب وأفكاره. ويدخل في ذلك من تكلم في الشريعة عالما بنصوصها وأحكامها لكنه خالفها بهواه لجاه يرجوه، أو مال يطلبه، أو تقرب لذوي الجاه والمال بذلك، ووجه دخوله في القول على الله تعالى بلا علم مع أنه عالم أنه تكلم في الشريعة بطريقة تجافي طريقة العلماء فألحق بأهل الجهالة؛ ولأنه لو علم عظمة الله تعالى لما اجترأ على انتهاك شريعته، فكان جاهلا بالله تعالى ولو حفظ دواوين الشريعة؛ فإن العلم هو الخشية [إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ] {فاطر:28}. قال ابن عاشور: والمعنى: ومن يتبع خطوات الشيطان يفعل الفحشاء والمنكر؛ لأن الشيطان يأمر الناس بالفحشاء والمنكر، أي بفعلهما، فمن يتبع خطوات الشيطان يقع في الفحشاء والمنكر لأنه من أفراد العموم. ([22]) تاسعا: أن من اتبع خطوات الشيطان في الترخيص للناس وإرضائهم؛ فإنه سينتهي به المطاف إلى إباحة المحرمات، وإسقاط الواجبات؛ وذلك أن الله تعالى لما أمر بالدخول في الإسلام كافة، وأخذ الشرائع كلها؛ نهى عن اتباع خطوات الشيطان، لأن الشيطان يريد صد الناس عن الأخذ بالشرائع كلها [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] {البقرة:208} قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى: نهي بعد أمر؛ لأن اتباع خطوات الشيطان يخالف الدخول في السلم كافة.([23]) وأظن أن من خطوات الشيطان ما نسمعه من دعاوى فتح الذرائع، مع أن أكثرها ذرائع إلى محرمات؛ ففتح أبواب عمل المرأة، والنوادي النسوية الرياضية، وتشريع اختلاطها بالرجال، وسفرها بلا محرم، وتخففها من الحجاب...ألخ. كل أولئك ذرائع إلى الفواحش والمنكرات التي يأمر بها الشيطان، والله تعالى قال [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ] {النور:21}. عاشرا: يلاحظ تذييل ثلاث آيات من آيات النهي عن اتباع خطوات الشيطان الأربع ببيان عداوته، وتأكيدها بمؤكدات [إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ] {البقرة:168} ومعنى المبين: الظاهر العداوة من أبان الذي هو بمعنى (بان) وليس من أبان الذي همزته للتعدية بمعنى أظهر؛ لأن الشيطان لا يُظهر لنا العداوة بل يلبس لنا وسوسته في لباس النصيحة أو جلب الملائم، ولذلك سماه الله وليا فقال: [وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا] {النساء:119}، إلا أن الله فضحه فلم يبق مسلم تروج عليه تلبيساته حتى في حال اتباعه لخطواته فهو يعلم أنها وساوسه المضرة إلا أن شهوته تغلبه فتضعف عزيمته وترق ديانته. ([24]) والشيطان في تحقيق عداوته للإنسان، وفي سبيل غزوه إياه بخطواته يسلك كل طريق للإغواء، ويأتي الإنسان من جهاته الأربع [قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ] {الأعراف:16-17}. ولذا كان واجبا على الإنسان أن يجعل الشيطان عدوا له، فلا يتبع خطواته، ولا يستسلم لوساوسه؛ لئلا يقوده إلى المحرمات [إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ] {فاطر:6}.
| ||||||||||
الإشارات المرجعية |